للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي بها، كما رضي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتأخير تسليم [٢٥١/أ] البعير (١). ولو لم ترد السنة بهذا لكان محضُ القياس يقتضي جوازه.

ويجوز لكلِّ بائع أن يستثني من منفعة المبيع ما له فيه غرض صحيح، كما إذا باع عقارًا واستثنى سكناه مدةً، أو دابَّة واستثنى ظهرها. ولا يختص ذلك بالبيع، بل لو وهبه واستثنى نفعه مدة، أو أعتق عبده واستثنى خدمته مدة، أو وقف عينًا واستثنى غلَّتها لنفسه مدةَ حياته، أو كاتَب أمةً واستثنى وطئها مدة الكتابة، ونحوه. وهذا كلُّه منصوص أحمد (٢). وبعض أصحابه يقول: إذا استثنى منفعة المبيع فلا بد أن يسلِّم العين إلى المشتري، ثم يأخذها ليستوفي المنفعة، بناءً على هذا الأصل الذي قد تبيَّن فساده، وهو أنه لا بد من استحقاق القبض عقيب العقد. وعن هذا الأصل قالوا: إنه (٣) لا تصح الإجارة إلا على مدة تلي العقد. وعلى هذا بنوا ما إذا باع العين المؤجَّرة، فمنهم من أبطل البيع لكون المنفعة لا تدخل في البيع، فلا يحصل التسليم. ومنهم من قال: هذا مستثنًى بالشرع، بخلاف المستثنى بالشرط. وقد اتفق الأئمة على صحة بيع الأمة المزوَّجة، وإن كانت منفعة البُضْع للزوج ولم تدخل في البيع. واتفقوا على جواز تأخير التسليم إذا كان العرف يقتضيه، كما إذا باع مخزنًا له فيه متاع كثير لا يُنقل في يوم ولا أيام، فلا يجب عليه جمعُ دوابِّ البلد ونقلُه في ساعة واحدة؛ بل قالوا: هذا (٤) مستثنى


(١) سبق تخريجه.
(٢) في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٤٥): «أحمد وغيره».
(٣) «إنه» ساقط من ت.
(٤) هنا انتهت نسخة أحمد الثالث (ت).