للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جوَّز بعض أصحاب أحمد ضمان البساتين مع الأرض المؤجرة، إذ لا يمكن إفراد أحدهما عن الآخر (١)، اختاره (٢) ابن عقيل. وجوَّز بعضُهم ضمان الأشجار مطلقًا مع الأرض وبدونها. اختاره (٣) شيخنا وأفرد فيه مصنَّفًا (٤). ففي مذهب أحمد ثلاثة أقوال، وجوَّز مالك ذلك تبعًا للأرض في قدر الثلث.

قال شيخنا (٥): والصواب ما فعله عمر - رضي الله عنه -، فإن الفرق بين البيع والضمان هو الفرق بين البيع والإجارة، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحَبِّ حتى يشتدَّ، ولم ينه عن إجارة الأرض للزراعة، مع أن المستأجر مقصوده الحَبُّ بعمله، فيخدُم الأرض ويحرُثها ويسقيها ويقوم عليها. وهو نظير مستأجر البستان ليخدم شجره ويسقيه ويقوم عليه. والحب نظير الثمر، والشجر نظير الأرض، والعمل نظير العمل؛ فما الذي حرَّم هذا وأحلَّ هذا؟ وهذا بخلاف المشتري، فإنه يشتري ثمرًا، وعلى البائع مؤنةُ الخدمة والسقي والقيام على الشجر؛ فهو بمنزلة الذي يشتري الحبَّ، وعلى البائع مؤنة الزرع والقيام عليه. فقد ظهر انتفاء القياس والنص، كما ظهر انتفاء الإجماع. بل القياس


(١) في النسخ المطبوعة: «إحداهما عن الأخرى».
(٢) في النسخ المطبوعة: «واختاره».
(٣) هنا أيضًا في النسخ المطبوعة: «واختاره».
(٤) لعل المقصود «مسألة في ضمان البساتين والأرض» المنشورة ضمن «جامع المسائل» (٦/ ٤٠٧ - ٤٢٣) والظاهر أنها هي المذكورة بعنوان «قاعدة في ضمان البساتين» في «العقود الدرية» (ص ٤٨). وقد نشر طرف منها في «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ٢٢٠ - ٢٤٠).
(٥) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٤٨).