للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمرتهن: «لا رجوع لك» كان فيه (١) إضرار به، ولم تسمح نفسه بالنفقة على الحيوان. فكان ما جاءت به الشريعة هو الغاية التي ما فوقها في العدل والحكمة والمصلحة شيء يختار.

فإن قيل: ففي هذا أن من أدَّى عن غيره واجبًا فإنه يرجع ببدله. وهذا خلاف القياس، فإنه إلزام له بما لم يلتزمه (٢)، ومعاوضة لم يرضَ بها.

قيل: وهذا أيضًا محض القياس (٣) والعدل والمصلحة، وموجَب الكتاب، ومذهب أهل المدينة وفقهاء الحديث أهل بلدته وأهل سنته. فلو أدَّى عنه دينه، أو أنفق على من تلزمه نفقته، أو افتداه من الأسر ولم ينو التبرُّع= فله الرجوع. وبعض أصحاب أحمد فرَّق بين قضاء الدين ونفقة القريب، فجوَّز الرجوع في الدين دون نفقة القريب، قال: لأنها لا تصير دينًا. قال شيخنا: والصواب التسوية بين الجميع (٤)، والمحققون من أصحابه سوَّوا بينهما. ولو افتداه من الأسر كان له مطالبته بالفداء، وليس ذلك دينًا عليه.

والقرآن يدل على هذا القول، فإن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فأمر بإيتاء الأجر بمجرد الإرضاع، ولم يشترط عقدًا ولا إذنَ الأب. وكذلك قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [٢٥٩/أ] وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] فأوجب


(١) في النسخ المطبوعة: «في ذلك».
(٢) ت، ع: «لم يلزمه».
(٣) ع: «قيل هذا محض القياس».
(٤) لم يرد هذا التصويب في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٦٠).