للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعثمان (١) ديته (٢)، وذهب إليه أحمد وغيره.

فإن قيل: فما تصنعون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله» (٣)؟

قيل: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة، ولا منافاة بينه وبين شيء مما ذكرنا. فإنَّ الحدَّ في لسان الشارع أعمُّ منه في اصطلاح الفقهاء، فإنهم يريدون بالحدود عقوبات الجنايات المقدَّرة بالشرع خاصة. والحدُّ في لسان الشارع أعمُّ من ذلك، فإنه يراد [٢٦٢/ب] به هذه العقوبة تارةً، ويراد به نفس الجناية تارةً، كقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧]، وقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، فالأول حدود الحرام، والثاني حدود الحلال. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حدَّ حدودًا، فلا تعتدُوها» (٤). وفي حديث النوَّاس بن سَمعان الذي تقدَّم في أول الكتاب (٥): «والسوران حدود الله». ويراد به تارةً جنس العقوبة وإن لم تكن مقدَّرةً. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله» يريد به الجناية التي هي حقٌّ لله.

فإن قيل: فأين تكون العشرة فما دونها إذ كان المراد بالحدِّ الجناية؟


(١) «وعثمان» ساقط من ت، ع.
(٢) يُنظر: «المصنف» لعبد الرزاق (١٠٢٢٤، ١٨٤٩٢، ١٨٤٩٣، ١٨٤٩٥)، و «السنن» للدارقطني (٣٢٨٩، ٣٢٩٠، ٣٤٩٨)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٨/ ٣٢، ١٠٠).
ويَحْسُن تدبُّرُ ما في كتاب «الأم» للإمام الشافعي (٩/ ١٣٨ - ١٤١).
(٣) أخرجه البخاري (٦٨٤٨) ومسلم (١٧٠٨) من حديث أبي بردة الأنصاري.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) انظر (١/ ٤٦٣).