للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسنة على قولهم أظهر؛ فإن الله سبحانه سوَّى بين الخطإ والنسيان في عدم المؤاخذة، ولأن فعل محظورات الحج يستوي فيه المخطئ والناسي، ولأن كلَّ واحد منهما غير قاصد للمخالفة. وقد ثبت في الصحيح أنهم أفطروا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم طلعت الشمس. ولم يثبت في الحديث أنهم أُمِروا بالقضاء، ولكن هشام بن عروة سئل عن ذلك، فقال: أَوَ بدٌّ من القضاء (١)؟ وأبوه عروة أعلم منه، وكان يقول: لا قضاء عليهم (٢).

وثبت في «الصحيحين» (٣) أن بعض الصحابة أكلوا حتى ظهر لهم الحبل (٤) الأسود من الأبيض، ولم يأمر أحدًا منهم بقضاء وكانوا مخطئين.

وثبت عن عمر بن الخطاب أنه أفطر، ثم تبيَّن النهار، فقال: لا نقضي، فإنَّا (٥) لم نتجانف لإثم (٦).


(١) رواه البخاري (١٩٥٩). وقوله: «أَوَ بدٌّ من القضاء» كذا في ح مع تنوين همزة «القضاء»، فأخشى أن يكون بعضهم زاد لام التعريف في «القضاء». وفي ت، ع: «وبُدّ من قضاء». في رواية أبي ذر: «لابدَّ من القضاء»، وفي غيرها: «بُدٌّ من قضاء» وتقديره: هل بدٌّ من قضاء. انظر: «فتح الباري» (٤/ ٢٠٠) و «عمدة القاري» (١١/ ٦٨).
(٢) يُوازَنُ بما في «المصنف» لعبد الرزاق (٧٣٩٠ - ٧٣٨٩).
(٣) البخاري (١٩١٧) ومسلم (١٠٩١) من حديث سهل بن سعد.
(٤) في النسخ المطبوعة: «الخيط».
(٥) في النسخ المطبوعة: «لأنا».
(٦) رواه عبد الرزاق (٧٣٩٥)، وابن أبي شيبة (٩١٤٥، ٩١٤٣)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (٢/ ٧٦٥). ويُنظر: «المعرفة والتاريخ» (٢/ ٧٦٨)! و «السنن الكبير» للبيهقي (٤/ ٢١٧).