للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبياض قد اجتمعا في منافاة الحمرة وما يجري مجراها من الألوان، وأن (١) القعود في الموضع الواحد قد يكون حسنًا إذا كان فيه نفع لا ضرر فيه، وقد يكون قبيحًا إذا كان فيه ضرر من غير نفع يوفي عليه، وإن كان القعود (٢) في ذلك الموضع متيقَّنًا (٣). وقد يكون القعود في مكانين مجتمعين في الحسن بأن يكون في كلٍّ منهما نفع لا ضرر فيه، وإن كانا مختلفين؛ على أن ذلك يؤكِّد صحة القياس وذلك أن المثلين في العقليات إنما وجب تساوي حكمهما، لأن كلَّ واحد منهما قد ساوى الآخرَ فيما لأجله قد وجب [٢٨١/ب] له الحكم؛ إما لذاته كالسوادين، أو لعلَّةٍ أوجبت ذلك كالأسودين. وهكذا القول في المختلفين. وعلى هذه الطريقة بعينها يجري القياس، لأنا إنما نحكم للفرع بحكم الأصل إذا شاركه في علة الحكم، كما أن الله تعالى إنما نصَّ على حكم واحد في الشيئين إذا اشتركا فيما أوجب الحكم فيهما. فقد بان بذلك صحة ما ذكرناه».

وأجاب عنه القاضي عبد الوهاب المالكي بأن قال: «دعواكم بأن هذه الصور التي اختلفت أحكامها متماثلةٌ في نفسها دعوى! والأمثلة لا تشهد لها. ألا ترى أنه لا يمتنع أن يتفق الصوم والصلاة في امتناع أدائها من الحائض، ويفترقان في وجوب القضاء؛ والتماثل في العقليات لا يوجب التساوي في الأحكام الشرعيات. وأيضًا فهذا يوجب منع القياس في العقليات. وأيضًا فإن القياس جائز على العلة المنصوص عليها مع وجود


(١) ح، ت، ف: «فإن»، وكذا في النسخ المطبوعة. وفي «العدّة» كما أثبت من ع.
(٢) في النسخ المطبوعة بعده زيادة «المقصود».
(٣) ت: «منتفيًا». وفي «العدة»: «متفقًا».