للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للتجارة، فإنه (١) غرضُه النَّماءُ (٢).

ثم لما كان الرِّكاز مالًا مجموعًا محصَّلًا، وكلفةُ تحصيله أقلُّ من غيره، ولم يحتج إلى أكثر من استخراجه= كان الواجب فيه ضِعف ذلك، وهو الخُمْس.

فانظر إلى تناسب هذه الشريعة الكاملة التي بهَر العقولَ حسنُها وكمالُها، وشهدت الفِطَر بحكمتها، وأنه لم يطرق العالمَ شريعةٌ أفضلُ منها. ولو اجتمعت عقولُ العقلاء وفِطَرُ الألباء واقترحت شيئًا يكون أحسنَ مقترَحٍ (٣) لم يصل اقتراحها إلى ما جاءت به.

ولما لم يكن كلُّ مال يحتمل المواساة [٣٠٣/ب] قدَّر الشارعُ لما يحتمل المواساة نُصُبًا مقدَّرةً لا تجب الزكاة في أقلَّ منها. ثم لما كانت تلك النُّصُب تنقسم إلى ما لا يُجْحِف المواساةُ ببعضه أوجب الزكاة منها، وإلى ما يُجْحِف المواساةُ ببعضه، فجعل الواجبَ من غيره كما دون الخمس والعشرين من الإبل. ثم لما كانت المواساة لا تحتمل كلَّ يوم ولا كلَّ شهر، إذ فيه إجحافٌ بأرباب الأموال، جعلها كلَّ عام مرةً، كما جعل الصيام كذلك. ولما كانت الصلاة لا يشق فعلُها كلَّ يوم وظَّفها (٤) كلَّ يوم وليلة، ولما كان الحجُّ يشقُّ تكرُّرُ وجوبه كلَّ عام جعَله وظيفةَ العمر.


(١) ع: «فإن».
(٢) في النسخ المطبوعة: «عرضة للنماء».
(٣) في المطبوع: «أحسنُ مقترحًا»!
(٤) ح: «وضعها»، والظاهر أنه مغيَّر. وكذا في ف.