للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإنه إنما أثبت له على البائع حقَّ العرض عليه إذا أراد [٣٢٩/ب] البيع، فأين حق الانتزاع (١) من المشتري؟ ولا يلزم من ثبوت هذا الحقِّ ثبوتُ حقِّ الانتزاع.

فهذا منتهى إقدام الطائفتين في هذه المسألة.

والصواب: القول الوسط الجامع بين الأدلة الذي لا يحتمل سواه، وهو قول البصريين وغيرهم من فقهاء الحديث، أنه إن كان بين الجارين حقٌّ مشترَك من حقوق الأملاك من طريق أو ماء أو نحو ذلك ثبتت الشفعة، وإن لم يكن بينهما حقٌّ مشتركٌ البتةَ، بل كلُّ واحد متميِّزٌ (٢) ملكُه وحقوقُ ملكه= فلا شفعة، وهذا الذي نصَّ عليه أحمد في رواية أبي طالب (٣)، فإنه سأله عن الشفعة: لمن هي؟ فقال: إذا كان طريقُهما واحدًا. فإذا صُرِّفت الطرق وعُرفت الحدود فلا شفعة.

وهذا قول عمر بن عبد العزيز (٤)، وقول القاضيين سوَّار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن العنبري.

وقال أحمد في رواية ابن مُشَيش: أهل البصرة يقولون: إذا كان الطريق واحدًا كان بينهم الشفعة مثل دارنا هذه، على معنى حديث جابر الذي يحدِّثه عبد الملك، انتهى.


(١) ع: «ثبوت حق الانتزاع». وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «بل كان كلُّ واحد منهما متميزًا».
(٣) نقلها ابن مفلح في «الفروع» (٧/ ٢٧٠). وانظر: «مسائل ابن هانئ» (ص ٢٩٩).
(٤) رواه عبد الرزاق (١٤٣٩٤، ١٤٣٩٥)، وابن أبي شيبة (٢٣١٩٤).