للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن البيتين كانا في نفس دار سعد، والطريق واحد بلا ريب.

والقياس الصحيح يقتضي هذا القول، فإن الاشتراك في حقوق الملك شقيق الاشتراك في الملك، والضرر الحاصل بالشركة فيها نظير الضرر الحاصل بالشركة في الملك أو أقرب إليه، ورفعه [٣٣٠/ب] مصلحة الشريك (١) من غير مضرَّة على البائع ولا على المشتري. فالمعنى الذي وجبت لأجله شفعة الخلطة في الملك موجود في الخلطة في حقوقه.

فهذا المذهب أوسط المذاهب، وأجمعها للأدلة، وأقربها إلى العدل. وعليه يحمل الاختلاف عن عمر - رضي الله عنه -. فحيث قال: «لا شفعة» (٢) ففيما إذا وقعت الحدود وصُرِّفت الطرق، وحيث أثبتها ففيما إذا لم تصرَّف الطرق؛ فإنه قد روي عنه هذا وهذا (٣). وكذلك ما روي عن علي، فإنه قال: «إذا حُدَّت الحدود وصُرِّفت الطرق فلا شفعة» (٤).

ومن تأمل أحاديث شفعة الجوار رآها صريحة في ذلك، وتبيَّن له بطلانُ


(١) في النسخ المطبوعة: «للشريك».
(٢) سبق تخريجه.
(٣) رواه النسائي في «السنن الكبرى» [كما في «تحفة الأشراف» للمزي ٨/ ٢٩)] من طريق شريح بن الحارث، عنه. وقال ابن كثير في «مسند الفاروق» (٢/ ٣٦): إسنادٌ صحيحٌ.
(٤) لم أره عن علي - رضي الله عنه -، وإنما وجدتُ نحوَه من كلام عمر وعثمان - رضي الله عنهما -، وقد أشار إلى قولهما الترمذي في «الجامع» عَقِبَ الحديث (١٣٧٠)، ولم يذكر معهما عليًّا ويُنظر: «الموطأ» لمالك (٢٦٥٠)، و «المصنَّف» لعبد الرزاق (١٤٣٩٢، ١٤٣٩٣، ١٤٤٢٦)، و «المصنّف» لابن أبي شيبة (٢٣١٩١، ٢٣١٩٢، ٢٣١٩٥)، وما تقدّم (ص ٩٩١ - ٩٩٣).