للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحصلت لهم مصلحة المناقلة، [٣٣٥/أ] واندفعت عنهم مفسدة: «إما أن تقضي وإما أن تربي».

وهذا بخلاف ما إذا بيعت بالدراهم أو غيرها من الموزونات نَساءً، فإن الحاجة داعية إلى ذلك، فلو مُنعوا منه لأضرَّ بهم، ولامتنع السَّلَمُ الذي هو من مصالحهم فيما هم محتاجون إليه أكثر من غيره، والشريعة لا تأتي بهذا. وليس بهم حاجة في بيع هذه الأصناف بعضها ببعض نَساءً، وهو ذريعة قريبة إلى مفسدة الربا، فأبيح لهم في جميع ذلك ما تدعو حاجتهم إليه (١) وليس بذريعة إلى مفسدة راجحة، ومُنِعوا مما لا تدعو الحاجة إليه ويُتذَرَّع به غالبًا إلى مفسدة راجحة.

يوضِّح ذلك: أنَّ مَن عنده صنفٌ من هذه الأصناف، وهو محتاج إلى الصنف الآخر، فإنه يحتاج إلى بيعه بالدراهم ليشتري الصنف الآخر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بِعِ الجَمْعَ بالدراهم، ثم اشتر بالدراهم جَنيبًا» (٢) أو يبيعه بذلك الصنف نفسَه بما يساوي. وعلى كلا التقديرين يحتاج إلى بيعه حالًّا، بخلاف ما لو مُكِّن من النَّساء، فإنه حينئذ يبيعه بفضل، ويحتاج أن يشتري الصنف الآخر بفضل؛ لأن صاحب ذلك الصنف يُربي عليه كما أربى هو على غيره، فينشأ من النَّساء تضرُّرٌ بكلِّ واحد منهما. والنَّساء هاهنا في صنفين، وفي النوع الأول في صنف واحد، وكلاهما منشأ الضرر والفساد.


(١) «إليه» ساقط من ع. وفي النسخ المطبوعة: «إليه حاجتهم».
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٠١) ومسلم (١٥٩٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. والجمع: كل لون من النخيل لا يعرف اسمه. وقيل: تمر مختلط من أنواع متفرقة. والجنيب: نوع جيد معروف من أنواع التمر. انظر: «النهاية» (١/ ٣٠٤).