للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه بما هو [٣٤١/أ] خير لهم منه وأنفع، وأباح لهم منه ما تدعو حاجتُهم إليه ليسهُل عليهم تركُه؛ كما حرَّم عليهم بيع الرطب بالتمر، وأباح لهم منه العرايا. وحرَّم عليهم النظرَ إلى الأجنبية وأباح لهم منه نظرَ الخاطب والمُعامل والطبيب. وحرَّم عليهم أكلَ المال بالمغالبات الباطلة كالنَّرد والشِّطْرَنج وغيرهما، وأباح لهم أكلَه بالمغالبات النافعة كالمسابقة والنضال. وحرَّم عليهم لباسَ الحرير، وأباح لهم منه اليسير الذي تدعو الحاجة إليه. وحرَّم عليهم كسبَ المال بربا النسيئة، وأباح لهم كسبَه بالسَّلَم. وحرَّم عليهم في الصيام وطءَ نسائهم، وعوَّضهم عن ذلك بأن أباحه لهم ليلًا، فسهَّل عليهم تركَه بالنهار. وحرَّم عليهم الزنا، وعوَّضهم بأخذ ثانية وثالثة ورابعة، ومن الإماء ما شاؤوا، فسهّل عليهم تركَه غاية التسهيل. وحرَّم عليهم الاستقسامَ بالأزلام، وعوَّضهم عنه بالاستخارة ودعائها، ويا بُعدَ ما بينهما! وحرَّم عليهم نكاح أقاربهم، وأباح لهم منه بناتِ العَمِّ والعَمَّةِ والخالِ والخالة. وحرَّم عليهم وطءَ الحائض، وسمح لهم في مباشرتها وأن يصنعوا بها كلَّ شيء إلا الوطَء، فسهَّل عليهم تركَه غاية السهولة.

وحرَّم عليهم الكذبَ، وأباح لهم المعاريض التي لا يحتاج مَن عَرَفها إلى الكذب معها البتة، وأشار إلى هذا بقوله: «إنَّ في المعاريض مندوحةً عن الكذب» (١). وحرم عليهم الخيلاء بالقول والفعل، وأباحها لهم في الحرب


(١) رواه ابن الأعرابي في «المعجم» (٩٩٣)، وابن عدي في «الكامل» (١/ ١٠٨، ٣/ ٥٦٧)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (٢٣٠) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - مرفوعًا، وآفتُه داود بن الزبرقان، وهو متروك متّهم. ورواه ابن السنّي في «عمل اليوم» (٣٢٧) من طريق أخرى، هي من مناكير سعيد بن أوس و «الزهد» لهنّاد» (١٣٧٨)، فقد خالف الثقات الذين رووا الخبر من الوجه نفسه موقوفًا، كما يراه الناظر في «المصنّف» لابن أبي شيبة (٢٦٦٢٠)، و «الأدب المفرد» للبخاري (٨٥٧)، و «تهذيب الآثار» لابن جرير (٩٤٣، ٩٤٤ - مسند عمر)، و «مساوئ الأخلاق» للخرائطي (١٦٦)، و «المعجم الكبير» للطبراني (١٨/ ١٠٦ - ١٠٧). ويُنظر: «السنن الكبير» (١٠/ ١٩٩)، و «الجامع لشعب الإيمان» (٦/ ٤٤٥ - ٤٤٦)، و «الآداب» (٢٨٩) ثلاثتُها للبيهقي.