للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُذكر اسمُ الله عليه من الذبائح فسقًا وهو الخبيث. ولا ريب أن ذكرَ اسمِ الله على الذبيحة يُطيِّبها، ويطرُد الشيطانَ عن الذابح والمذبوح. فإذا أخلَّ بذكر اسمه لابَسَ الشيطانُ الذابحَ والمذبوحَ، فأثَّر ذلك خبثًا في الحيوان. والشيطان يجري في مجاري الدم من الحيوان، والدمُ مركبه وحامله، وهو أخبث الخبائث، فإذا ذكر الذابحُ اسمَ الله خرج الشيطانُ مع الدم، فطابت الذبيحة. فإذا لم يذكُر اسمَ الله لم يخرج الخبث. وأما إذا ذكر اسمَ عدوِّه من الشياطين والأوثان فإن ذلك يكسب الذبيحة خبثًا آخر.

يوضِّحه أن الذبيحة تجري مجرى العبادة، ولهذا يقرُن الله سبحانه بينهما، كقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢]، وقوله: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ١٦٢]. وقال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: ٣٦ - ٣٧]، فأخبر أنه إنما سخَّرها لمن يذكر اسمَه عليها، وأنه إنما يناله التقوى، وهو التقرُّب إليه بها وذكر اسمه عليها. فإذا لم يذكُر اسمَه عليها كان ممنوعًا من أكلها، وكانت مكروهةً لله، فأكسبتها كراهيتُه لها ــ حيث لم يذكر [٣٤٦/أ] عليها اسمَه أو ذكر عليها اسمَ غيره ــ وصفَ الخبث، فكانت بمنزلة الميتة. وإذا كان هذا في متروك التسمية وما ذُكِر عليه اسمُ غير الله، فما ذبحه عدوُّه المشركُ به الذي هو من أخبَث البريَّةِ أولى بالتحريم؛ فإن فعل الذابح وقصده وخبثه لا ينكر أن يؤثِّر في المذبوح، كما أن خبث الناكح ووصفه وقصده يؤثِّر في المرأة المنكوحة. وهذه أمور إنما يصدِّق بها مَن أشرق فيه نورُ الشريعة وضياؤها، وباشر قلبَه بشاشةُ حِكَمِها وما