للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذاك؟ قال: يسألك مالك وعبد العزيز فتُجِيبهما، وأسألك أنا وذَوِيَّ (١) فلا تُجيبنا! فقال: أوَقعَ ذلك يا ابنَ أخي في قلبك (٢)؟ قال: نعم، قال: إنّي قد كبِرتْ سِنّي ودَقَّ عظْمي، وأنا أخاف أن يكون خالطني في عقلي مثلُ الذي خالطني في بدني، ومالك وعبد العزيز عالمان فقيهان، إذا سمعا منّي حقًّا قَبِلاه، وإن سمعا خطأً تركاه، وأنت وذووك ما أجبتُكم به (٣) قبلتموه.

قال ابن حارث: هذا واللهِ الدينُ الكامل، والعقلُ الراجح، لا كمن يأتي بالهَذَيان، ويريد أن يَنزِلَ (٤) من القلوب منزلةَ القرآن.

قال أبو عمر (٥): يقال لمن قال بالتقليد: لِمَ قلتَ به، وخالفتَ السلف في ذلك فإنهم لم يقلِّدوا؟ فإن قال: قلَّدتُ لأن (٦) كتاب الله لا علْمَ لي بتأويله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم أُحصِها، والذي قلَّدتُه قد علم ذلك، فقلَّدتُ من هو أعلم منّي. قيل له: أما العلماء إذا أجمعوا على شيء من تأويل (٧) الكتاب أو حكايةٍ عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو اجتمع (٨) رأيهم على شيء فهو الحقُّ


(١) أصلها: «ذَوُويَ». جرى فيها ما جرى في «بَنِيَّ».
(٢) د: «في قلبك يا ابن أخي».
(٣) «به» ساقطة من ع.
(٤) بعدها في المطبوع: «قوله». وليست في النسخ و «الجامع». والضمير في «يَنزل» يرجع إلى «الهذيان».
(٥) في «الجامع» (٢/ ٩٩٤).
(٦) ت: «فإن».
(٧) د: «على تأويل شيء من».
(٨) ت: «أجمع». والمثبت موافق لما في «الجامع».