للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا شكَّ فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلَّدتَ فيه بعضَهم دون بعض، فما حجَّتُك في تقليد بعضهم دون بعض وكلُّهم عالم؟ ولعلَّ الذي رغِبتَ عن قوله أعلمُ من الذي ذهبتَ إلى مذهبه.

فإن قال: قلّدتُه لأني أعلم أنه على صواب، قيل له: علمتَ ذلك بدليلٍ من كتاب الله أو سنة أو إجماع؟

فإن قال: «نعم» أبطل التقليد، وطولب بما ادّعاه من الدليل.

وإن قال: قلّدتُه لأنه أعلم مني، قيل له: فقلِّدْ كلَّ من هو أعلم منك، فإنك تجد من ذلك خلقًا كثيرًا، ولا تخُصَّ من قلَّدتَه إذ عِلَّتك فيه أنه أعلم منك.

فإن قال: قلَّدتُه لأنه أعلمُ الناس، قيل له: فهو إذًا أعلمُ (١) من الصحابة، وكفى بقول مثلِ هذا قبحًا.

فإن قال: أنا أقلِّد بعضَ الصحابة، قيل له: فما حجتك في ترك من لم تقلِّد منهم، ولعل من تركتَ قوله منهم [٩/أ] أفضلُ ممن أخذتَ بقوله. على أن القول لا يصحُّ لفضل قائله، وإنما يصح بدلالة الدليل عليه.

وقد ذكر ابن مُزَين (٢) عن عيسى بن دينار قال: عن [ابن] القاسم عن مالك قال: ليس كلَّما قال رجل قولًا ــ وإن كان له (٣) فضلٌ ــ يُتَّبَع عليه؛ لقول الله عز وجل: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨].


(١) «منك فإن ... أعلم» ساقطة من ع بسبب انتقال النظر.
(٢) كما في «الجامع» (٢/ ٩٩٥). ومنه الزيادة بين المعكوفتين.
(٣) «له» ساقطة من ت.