للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأديةُ ما عقَلَه، وعلى من لم يَبلغ منزلتَهما القبولُ منهما.

ثم يقال للمانعين من التقليد: أنتم منعتموه خشيةَ وقوع المقلّد في الخطأ بأن يكون من قلَّده مخطئًا في فتواه، ثم أوجبتم عليه النظر والاستدلال في طلب الحق، ولا ريبَ أن صوابه في تقليده للعالم أقرب من صوابه في اجتهاده هو لنفسه. وهذا كمن أراد شراء سِلْعةٍ لا خِبرةَ له بها، فإنه إذا قلَّد عالمًا بتلك السلعة خبيرًا بها أمينًا ناصحًا كان صوابه وحصول غرضه أقربَ من اجتهاده لنفسه، وهذا متفقٌ عليه بين العقلاء.

قال أصحاب الحجة: عجبًا لكم معاشرَ المقلّدين الشاهدين على أنفسهم مع شهادة أهل العلم بأنهم (١) ليسوا من أهله ولا معدودين (٢) في زمرة أهله، كيف أبطلتم مذهبكم بنفس دليلكم؟ فما للمقلّد وما للاستدلال؟ وأين منصب المقلّد من منصب المستدِلّ؟ وهل ما (٣) ذكرتم من الأدلة إلا ثيابٌ استعرتُموها من صاحب الحجة فتجمَّلتم بها بين الناس؟ وكنتم في ذلك متشبّعين بما لم تُعطَوه، ناطقين من العلم بما شهدتم على أنفسكم أنكم لم تُؤتَوه؟ وذلك ثوبُ زورٍ لبِستموه، ومنصب لستم من أهله غَصَبتموه. [١٣/أ] فأخبِرونا: هل صرتم إلى التقليد لدليلٍ (٤) قادكم إليه، وبرهانٍ دلَّكم عليه، فنزَلْتم به من الاستدلال أقربَ منزل، وكنتم به عن التقليد بمعزلٍ، أم


(١) ت: «أنهم».
(٢) ت: «معدود».
(٣) ع: «بل وما».
(٤) ت: «بدليل».