للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو فوقه وأعلم منه إلا لدليل صار إليه هو أولى من قولِ كلّ واحد من هؤلاء.

قيل له: ومن أين علمتَ أن الدليل الذي صار إليه صاحبك الذي زعمت أنت أنه صاحبك أولى من الدليل الذي صار إليه من هو أعلم منه وخير منه أو هو نظيره؟ وقولان معًا متناقضان لا يكونان صوابًا، بل أحدهما هو الصواب، ومعلوم أن ظَفَرَ الأعلمِ الأفضل بالصواب أقربُ من ظفرِ مَن هو دونه.

فإن قلت: علمت ذلك بالدليل، فههنا إذًا فقد انتقلتَ عن منصب التقليد إلى منصب الاستدلال، وأبطلتَ التقليد.

ثم يقال لك ثالثًا (١): هذا لا ينفعك شيئًا البتَّةَ فيما اختُلِف فيه، فإن من قلَّدته ومن قلَّده غيرك قد اختلفا، وصار من قلّده غيرك إلى موافقة أبي بكر وعمر أو علي وابن عباس أو عائشة وغيرهم دون من قلَّدتَه، فهلّا نصحتَ نفسك وهُدِيتَ لرشدك وقلتَ: هذان عالمان كبيران، ومع أحدهما مَن ذكر من الصحابة فهو أولى بتقليدي إياه.

ويقال رابعًا: إمامٌ بإمام، ويسلم (٢) قول الصحابي، فيكون أولى بالتقليد.

ويقال خامسًا: إذا جاز أن يظفَر من قلّدتَه بعلمٍ خفيَ على عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وذويهم (٣)، فأجوَزُ


(١) ع: «ثانيًا». وهكذا فيما بعد بنقص عدد.
(٢) ع: «ويسلموا».
(٣) د، ع: «دونهم».