للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدرون أذلك صواب أم خطأ= على خطر عظيم، ولهم بين يدي الله موقف شديد يعلم فيه من قال على الله ما لا يعلم أنه لم يكن على شيء.

وأيضًا فنقول لكل من قلَّد واحدًا من الناس دون غيره: ما الذي خصَّ صاحبك أن يكون أولى بالتقليد من غيره؟ فإن قال: لأنه أعلمُ أهلِ عصره، وربما فضَّله على مَن قبله مع جَزْمِه الباطل أنه لم يجئ بعده أعلمُ منه. قيل له: وما يُدرِيك ــ ولستَ من أهل العلم بشهادتك على نفسك ــ أنه أعلم الأمة في وقته؟ فإنّ هذا إنما يعرفه من عرف المذاهبَ وأدلَّتها وراجحَها من مرجوحها، فما للأعمى ونقدِ الدراهم؟ وهذا أيضًا باب آخر من القول (١) على الله بلا علم.

ويقال له ثانيًا: فأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان (٢) وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعائشة وابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - أعلمُ من صاحبك بلا شك، فهلّا قلّدتَهم وتركتَه (٣)؟ بل سعيد بن المسيّب والشعبيّ وعطاء وطاوس وأمثالهم أعلمُ وأفضلُ بلا شك، فلِمَ تركتَ تقليدَ الأعلم [١٤/أ] الأفضل الأجمع لأدوات الخير والعلم والدين ورغِبتَ عن أقواله ومذاهبه إلى من هو دونه؟

فإن قال: لأن صاحبي ومن قلَّدته أعلم به مني، فتقليدي له أوجبَ عليَّ مخالفةَ قوله لقول من قلّدته؛ لأن وفور علمه ودينه يمنعه (٤) من مخالفة من


(١) ت: «من باب القول».
(٢) بعدها في ت: «بن عفان».
(٣) ع: «تركتهم».
(٤) د: «منعه».