للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهبه، فهلّا اتبعتَه فيه؟

ويقال تاسعًا: هل أنت على بصيرة في أن من قلّدته أولى بالصواب من سائر من رغِبتَ عن قوله من الأولين والآخرين أم لستَ على بصيرة؟ فإن قال: «أنا على بصيرة» قال ما يُعلَم بطلانه، وإن قال: «لست على بصيرة» وهو الحق، قيل له: فما عذرك غدًا بين يدي الله حين لا ينفعك من قلّدته بحسنة واحدة، ولا يحمل عنك سيئة واحدة، إذا حكمتَ وأفتيتَ بين خلقه بما لستَ على بصيرةٍ منه هل هو صواب أم خطأ؟

ويقال عاشرًا: هل تدَّعي عصمة متبوعك أو تجوِّز عليه الخطأ؟ والأول لا سبيل إليه، بل تُقِرُّ ببطلانه؛ فتعيَّن الثاني، وإذا جوَّزت عليه الخطأ (١)، فكيف تحلِّل (٢) وتحرِّم وتُوجِب وتُرِيق الدماء وتُبِيح الفروج وتنقل الأموال وتَضْرِب الأَبْشَار (٣) بقول مَن أنت مقِرٌّ بجواز كونه مخطئًا؟

ويقال حادي عشر: هل تقول [١٥/أ] إذا أفتيتَ وحكمتَ بقول من قلّدته: إن هذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله، وأنزل به كتابه وشرعه لعباده، ولا دينَ له سواه؟ أو تقول: إنّ دين الله الذي شرعَه لعباده خلافُه؟ أو تقول: لا أدري؟ ولا بدَّ لك من قولٍ من هذه الأقوال. ولا سبيل لك إلى الأول قطعًا؛ فإن دين الله الذي لا دينَ له سواه لا تَسُوغ مخالفته، وأقلُّ درجات مخالفه أن يكون من الآثمين، والثاني لا تدَّعيه (٤)، فليس لك ملجأٌ


(١) «الخطأ» ليست في ت، د.
(٢) هذا الفعل والأفعال الآتية بصيغة الغائب أو مهملة النقط في ت، د. والمثبت من ع.
(٣) جمع بَشَر، وهي ظاهر الجلد. انظر «النهاية» (١/ ١٢٩).
(٤) ت: «لابد عنه» تصحيف.