للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبيلًا من الأنعام، وإن قالوا بالأول فيقال: فكيف [١٥/ب] وُفِّقتم لقبول قول صاحبكم كلِّه، وردِّ قولِ من هو مثله أو أعلمُ منه كله، فلا يُرَدُّ لهذا قول، ولا يُقبَل لهذا قول، حتى كأنّ الصواب وقفٌ (١) على صاحبكم والخطأ وقفٌ على من خالفه، ولهذا أنتم موكَّلون بنصرته في كلّ ما قاله، وبالرد على من خالفه في كلّ ما قاله، وهذه حال الفرقة الأخرى معكم.

ويقال ثالث عشر: فمن قلّدتموه من الأئمة قد نهوكم عن تقليدهم، فأنتم أولُ مخالفٍ لهم.

قال الشافعي: مثلُ الذي يطلب العلم بلا حجةٍ كمثل حاطبِ ليلٍ، يَحمل حُزْمةَ حطبٍ، وفيه أفعى تلدغُه (٢)، وهو لا يدري.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يحلُّ لأحدٍ أن يقول بقولنا، حتى يعلمَ من أين قلناه.

وقال أحمد: لا تقلِّدْ دينَك أحدًا (٣).

ويقال رابع عشر: هل أنتم موقنون بأنكم غدًا (٤) موقوفون بين يدي الله، وتُسألون عما قضيتم به في دماء عباده وفروجهم وأَبْشارهم وأموالهم، وعما أفتيتم به في دينه محرّمين ومحلّلين ومُوجِبين؟ فمن قولهم: «نحن موقنون بذلك»، فيقال لهم: فإذا سألكم مِن أين قلتم ذلك؟ فماذا جوابكم؟ فإن قلتم:


(١) ع: «وقفا» هنا وفيما يأتي، على اعتبار أنها خبر «كان».
(٢) ع: «وهو يلدغه».
(٣) تقدم تخريج هذه الأقوال.
(٤) «غدا» ساقطة من ت.