للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال سادس عشر: كل طائفة منكم ــ معاشرَ طوائف المقلّدين ــ قد أنزلتْ جميعَ الصحابة من أولهم إلى آخرهم وجميعَ التابعين من أولهم إلى آخرهم وجميع علماء الأمة من أولهم إلى آخرهم إلا من قلَّدوه= في مكانِ مَن (١) لا يُعتَدُّ بقوله، ولا يُنظر في فتاواه، ولا يُشتَغل بها، ولا يُعتَدُّ بها، ولا وجهَ للنظر فيها إلا للتمحُّل (٢) وإعمالِ الفكر وُكْدَه في الردّ عليهم إذْ خالف قولُهم قولَ متبوعهم، وهذا هو المسوِّغ للردّ عندهم، فإذا خالف قولُ متبوعهم نصًّا عن الله ورسوله فالواجب التمحُّلُ والتكلُّف في إخراج ذلك النص عن دلالته، والتحيُّلُ لدفعه بكل طريق حتى يصح قولُ متبوعهم. فيا لله لدينه وكتابه وسنة رسوله ولبدعةٍ كادت تَثُلُّ (٣) عرشَ الإيمان وتَهُدُّ (٤) ركنَه، لولا أن الله ضمِنَ لهذا الدين أن لا يزال فيه من يتكلّم بأعلامه ويذبُّ عنه. فمَن أسوأُ ثناءً على الصحابة والتابعين وسائر علماء المسلمين، وأشدُّ استخفافًا بحقوقهم، وأقلُّ رعايةً لواجبهم، وأعظم استهانةً بهم، ممن لا يلتفت إلى قول رجل واحد منهم ولا إلى فتواه، غير صاحبه الذي اتخذه وليجةً من دون الله ورسوله؟

ويقال سابع عشر: من عجيب (٥) أمركم أيها المقلّدون أنكم اعترفتم وأقررتم على أنفسكم بالعجز عن معرفة الحق بدليله من كلام الله ورسوله، مع سهولته وقُرب مأخذه، واستيلائه على أقصى غايات البيان، واستحالةِ التناقض والاختلاف عليه؛ فهو نَقْل مصدَّق عن قائل معصوم، وقد نصبَ الله


(١) «من» ساقطة من ت، ع.
(٢) «للتمحل» ساقطة من ع.
(٣) أي تهدم.
(٤) في هامش ع: «تهدم» برمز ظ.
(٥) ت: «عجب».