للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتجوا على أن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام بحديث المصرَّاة (١)، وهذا من إحدى العجائب؛ فإنهم من أشدّ الناس إنكارًا له، ولا يقولون به، فإن كان حقًّا وجب اتباعُه، وإن لم يكن صحيحًا لم يَجُزِ (٢) الاحتجاج به في تقدير الثلاث، مع أنه ليس في الحديث تعرُّضٌ لخيار الشرط؛ فالذي أريدَ بالحديث ودلَّ عليه خالفوه، والذي احتجوا عليه به لم يدلَّ عليه.

واحتجوا لهذه المسألة أيضًا بخبر حَبّان بن مُنقِذ الذي كان يُغْبَن في البيع، فجعل له النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار ثلاثة أيام (٣). وخالفوا الخبر كلَّه، فلم يثبتوا الخيار بالغَبْن ولو كان يساوي عُشُرَ معشارِ ما بذله فيه، وسواء قال المشتري «لا خِلابة» أو لم يقل، وسواء غُبِن قليلًا أو كثيرًا، لا خيار له في ذلك كله.

واحتجوا في إيجاب الكفّارة على من أفطر في نهار رمضان بأن في


(١) رواه البخاري (٢١٤٨) ومسلم (١٥٢٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) ت: «لم يجب».
(٣) اختلفت القصة هل هي لمنقذ بن حبان أو ابنه حبان، فرواها ابن ماجه (٢٣٥٥) والدارقطني (٣٠١١) والبيهقي (٥/ ٢٧٣) لمنقذ، وإسناده حسن؛ وابن إسحاق صرح بالتحديث. وأمَّا قصة حبان فرواها المزني في «السنن المأثورة» (٢٦٦) وابن الجارود (٥٦٧) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٤٨٥٨) والدارقطني (٣٠٠٨) والحاكم (٢/ ٢٢)، والبيهقي (٥/ ٢٧٣)، والحديث حسنه الألباني وصححه بشواهده شعيب الأرناؤوط، وأما رواية الاشتراط فهي منكرة لا أصل لها. انظر: «البدر المنير» (٦/ ٥٣٧ - ٥٤٠) و «التلخيص الحبير» (٣/ ٤٩ - ٥٠) و «السلسلة الصحيحة» (٢٨٧٥) و «سنن ابن ماجه» تحقيق الأرنؤوط (٣/ ٤٤٢ - ٤٤٣).