للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لا يدل عليه من الاكتفاء بحجرين.

واحتجوا على أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حاملًا أُمامة بنت أبي العاص بن الربيع، إذا قام حملَها وإذا ركع أو سجد وضعَها (١)، ثم قالوا: من صلَّى كذلك بطلتْ صلاته وصلاة من ائتمَّ به.

قال بعض أهل العلم (٢): ومن العجب إبطالهم هذه الصلاة وتصحيحهم الصلاة بقراءة {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٤] بالفارسية، ثم يركع قدر نفس، ثم يرفع قدر حدّ السيف، أو لا يرفع بل يخِرُّ كما هو ساجدًا، ولا يضع على الأرض يديه ولا رجليه، وإن أمكن أن لا يضع ركبتيه صحَّ ذلك، ولا جبهته، بل يكفيه وضع رأس أنفه كقدر نفس واحد، ثم يجلس مقدار التشهد، ثم يفعل فعلًا ينافي الصلاة من فُساء أو ضُراط أو ضحكٍ أو نحو ذلك.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) إشارة إلى قصة القفال المروزي (ت ٤١٧) مع السلطان محمود الغزنوي، لما صلَّى بين يديه على مذهب أبي حنيفة، فتحوّل السلطان إلى مذهب الشافعي. وقد ساق القفّال نفسُه هذه القصة في «فتاويه» كما في «طبقات الشافعية» للسبكي (٥/ ٣١٦)، ثم حكاها من بعده الجويني في «مغيث الخلق» (ص ٥٧ - ٥٩) وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٥/ ١٨٠، ١٨١) والذهبي في «السير» (١٧/ ٤٨٦، ٤٨٧). وشكّك فيها الكوثري وغيره، ونسوا أو تغافلوا أن صاحب القصة هو الذي حكاها أولًا في «فتاويه» ثم ذكرها الجويني وغيره، ولم يلفّقها الجويني، وإنما حكى ما كان معروفًا من أخبار القفال وسبب تحوُّل السلطان من المذهب الحنفي إلى المذهب الشافعي. وليس في كتب التاريخ ما ينفي ذلك، ولا في كتب الفقه الحنفي ما يخالف جواز تلك الصلاة في المذهب. وتصحيح الصلاة بقراءة {مُدْهَامَّتَانِ} بالفارسية مروي عن الإمام أبي حنيفة في «بدائع الصنائع» (١/ ١١٢)، وكذا بقية المسائل.