للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولكم بين أمرين (١) لا ثالث لهما: إما جعْلُ قول غير المعصوم حجة، وإما تقويلُ المعصوم ما لم يقله، ولا بدَّ من واحدٍ من الأمرين.

فإن قلتم: «بل منهما بدٌّ، وبقي قسم ثالث، وهو أنا قلنا كذا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نتبع من هو أعلم منا، ونسأل أهل الذكر إن كنا لا نعلم، ونردّ ما لم نعلمه إلى استنباط أولي العلم؛ فنحن في ذلك متبعون ما أمرنا به نبينا».

قيل: وهل نُدندِن إلا حول اتباع أمره - صلى الله عليه وسلم -، فحيَّهلا بالموافقة على هذا الأصل الذي لا يتمُّ الإيمان والإسلام إلا به، فنناشدكم بالذي أرسله إذا جاء أمره وجاء قول من قلَّدتموه هل تتركون قوله لأمره - صلى الله عليه وسلم -، وتضربون به الحائط، وتحرّمون الأخذ به والحالة هذه حتى تتحقق المتابعة كما زعمتم، أم تأخذون بقوله وتفوّضون أمر الرسول إلى الله، وتقولون: هو أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا، ولم يخالف هذا الحديث إلا وهو عنده منسوخ أو معارَضٌ بما هو أقوى منه أو غير صحيح عنده؟ فتجعلون قولَ المتبوع محكمًا وقول الرسول متشابهًا؛ فلو كنتم قائلين بقوله لكون الرسول أمركم بالأخذ بقوله لقدَّمتم قول الرسول أين كان.

ثم نقول في الوجه الثاني والثلاثين: [٢٧/أ] وأين أمركم الرسول بأخذ قولِ (٢) واحدٍ (٣) من الأمة بعينه، وترك قول نظيره ومن هو أعلم منه وأقرب إلى الرسول؟ وهل هذا إلا نسبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه أمر بما لم يأمر به قطُّ؟


(١) ت: «أمركم بين اثنين». ع: «أمركم بين أمرين».
(٢) «قول» ساقطة من ع.
(٣) «واحد» ساقطة من ت.