للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقليد من في المطمورة (١) لمن يُعلِمه بأوقات الصلاة والفطر والصوم وأمثال ذلك، ومن ذلك التقليدُ في قبول الترجمة والرسالة والتعريف والتعديل والجرح. كل هذا من باب الأخبار التي أمر الله بقبول المخبر بها إذا كان عدلًا صادقًا، وقد أجمع الناس على قبول خبر الواحد في الهديَّة (٢) وإدخال الزوجة على زوجها، وقبول خبر المرأة ذميةً كانت أو مسلمةً في انقطاع دم حيضها لوقته (٣) وجواز وطئها وإنكاحها بذلك، وليس هذا تقليدًا في الفتيا والحكم، وإذا كان تقليدًا لها فإن الله سبحانه شرع لنا أن نقبل قولها ونقلِّدها فيه (٤)، ولم يشرع لنا أن نتلقى أحكامه عن غير رسوله، فضلًا عن أن نترك سنة رسوله لقول واحد من أهل العلم ونقدِّم قوله على قول من عداه من الأمة.

الوجه الستون: قولكم: «وأجمعوا على جواز شراء اللُّحمان والأطعمة والثياب وغيرها من غير سؤال عن أسباب حلّها اكتفاءً بتقليد أربابها»، جوابه: أن هذا ليس تقليدًا [٣٨/ب] في حكم من أحكام الله ورسوله من غير دليل، بل هو اكتفاء بقبول قول الذابح والبائع، وهو اقتداء واتباع لأمر الله ورسوله، حتى لو كان الذابح والبائع يهوديًّا أو نصرانيًّا أو فاجرًا اكتفينا بقوله في ذلك، ولم نسأله عن أسباب الحلّ، كما قالت عائشة: يا رسول الله، إن ناسًا يأتوننا باللحمان لا ندري أذَكروا اسم الله عليها أم لا، فقال: «سمُّوا أنتم


(١) المقصود بها هنا السجن الذي يتخذه بعض الحكام تحت الأرض.
(٢) أي العروس التي تُهدَى إلى زوجها.
(٣) د: «لوقتها».
(٤) «فيه» ساقطة من ت.