للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس كالبهائم، وقال (١): الناس أحوجُ إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرتين أو ثلاثًا، والعلم يحتاج إليه كل وقت.

الرابع: أن الواجب على كل عبد أن يعرف ما يخصُّه من الأحكام، ولا يجب عليه أن يعرف ما لا تدعوه الحاجة إلى معرفته، وليس في ذلك إضاعة لمصالح الخلق ولا تعطيل لمعايشهم؛ فقد [٣٩/ب] كان الصحابة - رضي الله عنهم - قائمين بمصالحهم ومعايشهم (٢)، وعمارة حُروثهم، والقيام على مواشيهم، والضرب في الأرض لمتاجرهم، والصفق بالأسواق (٣)، وهم أهدى العلماء الذين لا يُشَقُّ في العلم غبارُهم.

الخامس: أن العلم النافع هو الذي جاء به الرسول دون مقدّرات الأذهان ومسائل الخرص والألغاز، وذلك بحمد الله تعالى أيسرُ شيء على النفوس تحصيله وحفظه وفهمه، فإنه كتاب الله الذي يسّره للذكر، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧]. قال البخاري


(١) انظر «مسائل حرب» (ص ٣٤٣) و «طبقات الحنابلة» (١/ ١٤٦) و «الآداب الشرعية» (٢/ ٤٤). وذكره المؤلف في «مفتاح دار السعادة» (١/ ١٦٤، ٢٢٦، ٣٣٢).
(٢) يشير إلى قول عائشة - رضي الله عنها -: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمال أنفسهم» رواه البخاري (٢٠٧١).
(٣) يشير إلى قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: «وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم» رواه البخاري (١١٨) ومسلم (٢٤٩٢).