للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أنكر الله سبحانه على من ردَّ النبوة بأن الله صرَفَها عن عظماء القرى ورؤسائها وأعطاها لمن ليس كذلك، بقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: ٣٢]. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثلُ أمتي كالمطر، لا يُدرَى أولُه خير أم آخره» (١). وقد أخبر الله سبحانه عن السابقين بأنهم {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: ١٣ - ١٤]، وأخبر سبحانه [٥١/ب] أنه {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، ثم قال: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ثم (٢) أخبر أن {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: ٢ - ٤].

وقد أطلنا الكلام في القياس والتقليد، وذكرنا من (٣) مآخذهما وحجج أصحابهما وما لهم وعليهم من المنقول والمعقول ما لا يجده الناظر في كتابٍ من كتب القوم من أولها إلى آخرها، ولا يظفر به (٤) في غير هذا


(١) رواه الترمذي (٢٨٦٩) وأحمد (١٢٣٢٧) من طريق حماد بن يحيى عن ثابت عن أنس، والحديث حسنه الترمذي، وفي الباب عن ابن عمر وابن عمرو وعمار - رضي الله عنهم -، وصححه الحافظ ابن حجر والألباني. انظر: «التمهيد» (٢٠/ ٢٥٣) و «فتح الباري» (٧/ ٦) و «السلسلة الصحيحة» (٢٢٨٦).
(٢) ت: «و».
(٣) «من» ساقطة من ع.
(٤) ع: «بهما».