للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما الحجة في ذلك؟ فقال: أنبأنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قولنا (١).

قال الربيع (٢): فقلت: فإنا نقول: يرفع في الابتداء ثم لا يعود، قال الشافعي: أنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك (٣).

قال الشافعي (٤): وهو ــ يعني مالكًا ــ يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك. ثم خالفتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر، فقلتم: لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة. وقد رويتم عنهما أنهما رفعاها في الابتداء وعند الرفع من الركوع. أفيجوز لعالمٍ أن يترك فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر لرأي نفسه أو فعْلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأي ابن عمر، ثم القياس على قول ابن عمر، ثم يأتي موضع آخر يصيب فيه فيترك على ابن عمر ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فكيف لم ينْهَه بعضُ هذا عن بعض؟ أرأيتَ إذا جاز له أن يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع يديه في مرتين أو ثلاثًا وعن ابن عمر فيه اثنتين أنأخذ بواحدة ونترك (٥) واحدة؟ أيجوز لغيره تركُ الذي أخذ به وأخذُ الذي ترك؟ أو يجوز لغيره ترك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟


(١) رواه البخاري (٧٣٥) ومسلم (٣٩٠).
(٢) الكلام متصل بما قبله.
(٣) رواه مالك في «الموطأ» (١/ ٧٧)، ومن طريقه أبو داود (٧٤٢).
(٤) الكلام متصل بما قبله.
(٥) في «الأم»: «ويأخذ» و «يترك» بصيغة الغائب.