للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: ٥٢]، وقال لنبيه: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩]، وقال لنبيه: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، ثم أنزل على نبيه أن غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر، يعني ــ والله أعلم ــ ما تقدّم من ذنبه قبل الوحي وما تأخّر أن يعصِمه فلا يذنب، فعلم ما يفعل به من رضاه عنه، وأنه [٥٧/ب] أول شافعٍ ومشفَّعٍ يوم القيامة، وسيّد الخلائق، وقال لنبيه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]. وجاءه - صلى الله عليه وسلم - رجل في امرأة رجل رماها بالزنا، فقال له يرجع، فأوحى الله إليه آية اللعان فلاعنَ بينهما (١). وقال: {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} الآية [لقمان: ٣٤]، وقال لنبيه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: ٤٢ - ٤٣]، فحجب عن نبيه علمَ الساعة، وكان مَن عدا (٢) ملائكة الله المقرّبين وأنبياءه المصطفين من عباد الله أقصرَ علمًا من ملائكته وأنبيائه، والله عز وجل فرض على خلقه طاعة نبيه، ولم يجعل لهم من الأمر شيئًا.

وقد صنَّف الإمام أحمد - رضي الله عنه - كتابًا في «طاعة الرسول» (٣)، ردّ فيه


(١) رواه البخاري (٤٢٣) ومسلم (١٤٩٢) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنهما -.
(٢) في «الأم»: «من جاور».
(٣) ذكره ابن النديم في «الفهرست» (ص ٢٨١). وفي «طبقات الحنابلة» (٢/ ٦٥): قال صالح بن أحمد: هذا كتاب عمله أبي في مجلسه، ردًّا على من احتجَّ بظاهر القرآن وترك ما فسَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودلَّ على معناه. ونقل عنه أبو يعلى كثيرًا في «العدة» (١/ ١٤٣، ١٤٤، ١٤٥، ١٤٩، ٢٢٧، ٢/ ٣٤٩، ٣٥٩، ٥١٩، ٣/ ٧٢١)، وابن تيمية في «المسوّدة» (ص ١١، ١٥، ٢١، ٩٠، ١٢٢، ١٥٨).