للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على من احتجّ بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتَرْك الاحتجاج بها، فقال في أثناء خطبته (١): إن الله جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه بعث محمدًا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدالّ على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصّه وعامّه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المعبِّر عن كتاب الله الدالّ على معانيه، شاهدَه في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلمَ الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم ما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبِّرين عن ذلك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال جابر: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهُرنا، عليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمِلَ به من شيء [٥٨/أ] عمِلنا به (٢).

ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول، فقال: قال جلّ ثناؤه في آل عمران: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [١٣١ - ١٣٢]، وقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [٣٢].

وقال في النساء: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ


(١) نقله ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» مختصرًا (٢/ ٦٥)، وذكره الموصلي في «مختصر الصواعق» (ص ٦١٤).
(٢) جزء من حديث جابر الطويل في الحج رواه مسلم (١٢١٨).