للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الحادي والأربعون: ردُّكم السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تخيير وليِّ الدم بين الدية أو القَوَد أو العفو (١)، بقولكم: إنها زائدة (٢) على ما في القرآن، ثم أخذتم بقياسٍ من أفسد القياس أنه لو ضربه بأعظم دبُّوس يوجد حتى ينثر دماغه على الأرض فلا قوَدَ عليه، ولم تروا ذلك مخالفًا لظاهر القرآن، والله تعالى يقول: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، ويقول: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤].

الوجه الثاني والأربعون: أنكم رددتم السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا يُقتَل مسلم بكافر» (٣)، وقوله: «المؤمنون تتكافأُ دماؤهم» (٤)، وقلتم: هذا خلاف ظاهر القرآن؛ لأن الله تعالى يقول: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}، وأخذتم بخبر لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه «لا قوَدَ إلا بالسيف» (٥)، وهو مخالف لظاهر القرآن؛ فإنه سبحانه قال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، وقال: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.


(١) رواه البخاري (١١٢) ومسلم (١٣٥٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) د: «زيادة».
(٣) رواه البخاري (٣٠٤٧) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(٤) رواه أبو داود (٤٥٣٠) والنسائي (٤٧٣٤) وأحمد (٩٩٣)، وصححه الحاكم (٢/ ١٤١) من طريق آخر. وانظر: «التلخيص الحبير» (٤/ ٢١٧) و «الإرواء» (٤/ ٢٥٠).
(٥) تقدم تخريجه.