للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما عطاؤه بمحظور، ولا فضله بممنون. وهذا عدله وقضاؤه، فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

فسبحان من أفاض على عباده النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وأودع الكتاب الذي كتبَه، أنَّ رحمته تغلب غضبَه (١). وتبارك من له في كلِّ شيء على ربوبيته ووحدانيته وعلمه وحكمته أعدل شاهد، ولو لم يكن إلا أن فاضَلَ بين عباده في مراتب الكمال حتى عُدَّ (٢) الآلاف المؤلَّفة منهم بالرجل الواحد (٣). ذلك ليعلم عباده أنه أنزل التوفيق منازله، ووضع الفضل مواضعه، وأنه يختص برحمته من يشاء وهو العليم الحكيم، {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: ٢٩].

أحمده، والتوفيق للحمد من نِعَمِه. وأشكره، والشكر كفيل بالمزيد من فضله وقِسَمه. وأستغفره وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوال نعمته وحلول نِقَمه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وفطر الله عليها (٤) جميع المخلوقات. وعليها أُسِّست الملة،


(١) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٣١٩٤) ومسلم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إنَّ رحمتي تغلب غضبي".
(٢) في النسخ المطبوعة: "عدل".
(٣) نظر المؤلف إلى قول البحتري في "ديوانه" (١/ ٦٢٥):
ولم أرَ أمثالَ الرجال تفاوتت ... إلى الفضل حتى عُدَّ ألفٌ بواحدٍ
(٤) ح: "عليها الله".