للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورَّث امرأةَ أشيم الضِّبابي (١) من دية زوجها فقضى به عمر (٢).

وأيضًا فإن هذه السنة التي لم يعمل بها أهل المدينة لو جاء من رواها إلى المدينة وعمِل بها لم يكن عملُ (٣) من خالفه حجةً عليه، فكيف يكون حجة عليه إذا خرج من المدينة؟

وأيضًا فإن هذا يوجب أن يكون جميع أهل الأمصار تبعًا للمدينة فيما يعملون به، وأنه لا يجوز لهم مخالفتهم في شيء، فإن عملهم إذا قُدِّم على السنة فلأن يقدَّم على عمل غيرهم أولى، وإن قيل إن عملهم نفسه سنة لم يحلَّ لأحد مخالفتهم، ولكن عمر بن الخطاب ومن بعده من الخلفاء لم يأمر أحد منهم أهلَ الأمصار أن لا يعملوا بما عرفوه من السنة وعلَّمهم إياه الصحابة إذا خالف عمل أهل المدينة، وأنهم لا يعملون إلا بعمل أهل المدينة، بل مالك نفسه منع الرشيد من ذلك وقد عزم عليه، وقال له: قد تفرق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البلاد، وصار عند كل طائفة علمٌ ليس عند غيرهم، وهذا يدلُّ على أن عمل أهل المدينة ليس عنده حجة لازمة لجميع الأمة (٤)، وإنما هو اختيار منه لما رأى عليه العمل، ولم يقل قطُّ في «موطَّئه» ولا غيره: لا يجوز العمل بغيره، بل يخبر إخبارًا مجرَّدًا أن هذا عمل أهل


(١) ت: «شيم المصابي» تحريف.
(٢) رواه أبو داود (٢٩٢٧) والترمذي وصححه (١٤٣٦) وابن ماجه (٢٦٤٢) وأحمد (١٥٧٤٦).
(٣) ت: «لم يكن من عمل بها».
(٤) «لجميع الأمة» ليست في ت.