للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلده؛ فإنه ــ رضي الله عنه وجزاه عن الإسلام خيرًا ــ ادّعى إجماع أهل المدينة في نيف وأربعين مسألة.

[١٠٩/أ] ثم هي ثلاثة أنواع:

أحدها: لا يعلم أن أهل المدينة خالفهم فيه غيرهم.

والثاني: ما خالف أهل المدينة (١) فيه غيرهم وإن لم يعلم اختلافهم فيه.

والثالث: ما فيه الخلاف بين أهل المدينة أنفسِهم. ومن ورعه - رضي الله عنه - لم يقل: إن هذا إجماع الأمة الذي لا يحلّ خلافه.

وعند هذا فنقول: ما عليه العمل إما أن يُراد به القسم الأول، أو هو والثاني، أو هما والثالث؛ فإن أريد الأول فلا ريبَ أنه حجة يجب اتباعه، وإن أريد الثاني والثالث فأين دليله؟

وأيضًا فأحقُّ عملِ أهل المدينة أن يكون حجةً العملُ القديم الذي كان في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وزمن خلفائه الراشدين، وهذا كعملهم الذي كأنه مُشاهَدٌ بالحس ورأي عينٍ (٢) في إعطائهم أموالَهم التي قسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من شهد معه خيبر، فأعطوها اليهود على أن يعملوها بأنفسهم وأموالهم والثمرة بينهم وبين المسلمين، يُقرّونهم ما أقرَّهم الله ويُخرِجونهم متى شاؤوا (٣)، واستمرَّ هذا العمل كذلك بلا ريب إلى أن


(١) ت: «فيه أهل المدينة».
(٢) ت: «بالعين».
(٣) رواه البخاري (٢٣٣٨) ومسلم (١٥٥١) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.