للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استأثر الله بنبيه - صلى الله عليه وسلم - مدةَ أربعة أعوام، ثم استمرّ مدة خلافة الصديق، وكلهم على ذلك، ثم استمرَّ مدة خلافة عمر، إلى أن أجلاهم قبل أن يُستشهد بعامٍ (١)؛ فهذا هو العمل حقًّا، فكيف ساغ خلافه وتركُه لعملٍ حادث؟

ومن ذلك عمل الصحابة مع نبيهم - صلى الله عليه وسلم - على الاشتراك في الهدي، البدنة عن عشرة والبقرة عن سبعة (٢)، فيا له من عملٍ ما أحقَّه وأولاه بالاتباع! فكيف يخالف إلى عمل حادث بعده مخالف له؟

ومن ذلك عمل أهل المدينة الذي كأنه رأيُ عينٍ في سجودهم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق: ١] مع نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وتَبِعهم أبو هريرة، وإنما صحب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أعوام وبعضَ الرابع، وقد أخبر عن عمل الصحابة مع نبيهم في آخر أمره، فهذا والله هو العمل، فكيف [١٠٩/ب] يقدَّم عليه عمل من بعدهم بما شاء الله من السنين ويقال: العمل على ترك السجود؟

ومن ذلك عمل الصحابة مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقد قرأ السجدة على المنبر في خطبته يوم الجمعة، ثم نزل عن المنبر فسجد، وسجد معه أهل المسجد، ثم صعِدَ (٣). فهذا العملُ حقًّا، فكيف يقال: العمل على خلافه ويقدَّم العمل الذي يخالف ذلك عليه؟


(١) قصة الإجلاء ثابتة عند البخاري (٢٣٣٨) ومسلم (١٥٥١)، وأما تاريخ إجلائهم فيدل عليه مرسل ابن المسيب عند عبد الرزاق (١٤٤٦٨).
(٢) رواه مسلم (١٣١٨) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٣) رواه البخاري (١٠٧٧).