للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العبيد (١). ولا سبيل إلى اقتباس هذين النورين، وتلقِّي هذين العلمين، إلا من مشكاةِ من قامت الأدلّة القاطعة على عصمته، وصرَّحت الكتب السماوية بوجوب طاعته ومتابعته. وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

ولما كان التلقِّي عنه - صلى الله عليه وسلم - على نوعين: نوع بواسطة، ونوع بغير واسطة؛ وكان التلقِّي بلا واسطة حظَّ أصحابه الذين حازوا قصَباتِ السِّباق، واستولوا على الأمد، فلا مطمعَ لأحد من الأمة بعدهم في اللَّحاق. ولكن المبرِّز من اتبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهاجهم القويم؛ والمتخلِّف من عدل عن طريقهم ذات اليمين وذات الشمال، فذلك المنقطع التائه في بيداء المهالك والضلال. فأيُّ خصلةِ خيرٍ لم يسبقوا إليها؟ وأيُّ خُطَّةِ رشدٍ لم يستولوا عليها؟

تالله لقد وردوا رأس الماء من عين الحياة عذبًا صافيًا زُلالًا، وأطَّدوا قواعد الإسلام، فلم يدَعوا لأحد بعدهم مقالًا. فتحوا القلوب (٢) بالقرآن والإيمان، والقرى بالجهاد بالسيف والسنان. وألقوا إلى التابعين ما تلقَّوه من مشكاة النبوة خالصًا صافيًا، وكان سندهم فيه عن نبيِّهم صلى الله عليه وآله وسلم عن جبريل عن ربِّ العالمين سندًا صحيحًا عاليًا. وقالوا: هذا عهدُ نبينا إلينا، وقد عهدناه (٣) إليكم. وهذه وصية ربنا وفرضه علينا، وهي وصيته وفرضه عليكم. فجرى التابعون لهم بإحسان على منهاجهم القويم، واقتفوا على آثارهم صراطهم المستقيم. ثم سلك [٣/ب] تابعو التابعين هذا المسلك


(١) في النسخ المطبوعة: "علم أحكام أفعال العبيد".
(٢) ع: "القلوب بعده". وفي النسخ المطبوعة: "القلوب بعدلهم".
(٣) ع: "عهدنا"، وكذا في النسخ المطبوعة.