للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس (١). وقال أبو عمر وغيره من العلماء: أجمع الناس على أن المقلِّد ليس معدودًا من أهل العلم، وأنَّ العلم معرفة الحق بدليله (٢). وهذا كما قال أبو عمر - رحمه الله -، فإن الناس لا يختلفون أن العلم هو المعرفة الحاصلة عن الدليل، وأما بدون الدليل فإنما هو تقليد.

فقد تضمَّن هذان الإجماعان إخراجَ المتعصِّب بالهوى والمقلِّد الأعمى عن زمرة العلماء، وسقوطَهما باستكمال من فوقهما الفروضَ من وراثة الأنبياء، فإنَّ "العلماء هم ورثة الأنبياء، فإنّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ" (٣). وكيف يكون من


(١) بهذا اللفظ ذكر المصنف قول الشافعي في "مدارج السالكين" (٢/ ٣٣٥) و"الرسالة التبوكية" (ص ٤٠) و"الصواعق" (٤/ ١٦٠٦ - مختصره) و"الروح" (٢/ ٧٣٥). وسيأتي مرة أخرى في هذا الكتاب. وكذا نقله ابن أبي العز الحنفي في "الاتباع" (ص ٢٤) ومحمد حياة السندي في "تحفة الأنام" (ص ٢٨) وغيرهما، ولعلهم صادرون عن كتابنا هذا. وقال الشافعي في "الأم" (٧/ ٢٧٥): "ولا يجوز لعالم أن يدع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحدٍ سواه". ونحوه في (١/ ١٧٧). وانظر: "الرسالة" (ص ٣٣٠).
(٢) سيذكره مرة أخرى في هذا الكتاب. وانظر نحوه في "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ٩٩٣).
(٣) كذا في حديثٍ رواه أحمد (٢١٧١٥)، وأبو داود (٣٦٤١، ٣٦٤٢)، والترمذي (٢٦٨٢) ــ وقال: "ليس هو عندي بمتّصل" ــ، وابن ماجه (٢٢٣) من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -. وصححه ابن حبان (٨٣٠). وفي سنده ضعفٌ وجهالةٌ واختلافٌ، وانظر: "العلل" للدارقطني (٦/ ٢١٦ - ٢١٧)، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (١٦٩ - ١٧٩)، و"بيان الوهم والإيهام" لابن القطان (٤/ ٢٨ - ٢٩)، و"مختصر السنن" للمنذري (٥/ ٢٤٣ - ٢٤٤)، و"تحفة الأشراف" للمزي (٨/ ٢٣٠)، و"الإتحاف بتخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (٣/ ٧ - ١٠).