للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواجبَ غيرُه وقام مقام تأديته هو بحكم النيابة عنه شرعًا. وليس الشأن [١٢٨/ب] في هذه المسألة لوضوحها واقتضاء أصول الشرع وفروعه لها، وإنما الشأن فيمن عمِلَ في مال غيره عملًا بغير إذنه ليتوصَّل بذلك العمل إلى حقه، أو فَعَله حفظًا لمال المالك واحترازًا له من الضياع؛ فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله.

وقد نص عليه الإمام أحمد - رضي الله عنه - في عدة مواضع:

منها: أنه إذا حصد زرعه في غَيبته فإنه نص على أنه يرجع عليه بالأجرة. وهذا من أحسن الفقه، فإنه إذا مرض أو غابَ أو حُبِس (١) فلو ترك زرعه بلا حصاد لهلك وضاع، فإذا علم من يحصده له أنه يذهب عليه عمله ونفقته ضياعًا لم يقدم على ذلك، وفي ذلك من إضاعة المال وإلحاق الضرر بالمالك ما تأباه الشريعة الكاملة؛ فكان من أعظم محاسنها أن أذنت للأجنبي في حصاده والرجوع على مالكه بما أنفق عليه حفظًا لماله ومال المحسن إليه، وفي خلاف ذلك إضاعة لماليهما أو مال أحدهما.

ومنها: ما نص عليه فيمن عمل في قناة رجل بغير إذنه فاستخرج الماء، قال: لهذا الذي عمِلَ نفقتُه.

ومنها: لو انكسرت سفينته فوقع متاعه في البحر فخلَّصه رجل فإنه لصاحبه، وله عليه أجرُ مثلِه. وهذا أحسن من أن يقال: لا أجر له؛ فلا تطيب نفسه بالتعرُّض للتلَف والمشقة (٢) الشديدة ويذهب عمله باطلًا أو يذهب


(١) ت: «أو حبس أو غاب».
(٢) ت: «المشفقة».