للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعرفة (١) على يوم عرفة، وكلاهما مما لا سبيلَ إليه.

فصل

وأما التقدير الرابع ــ وهو أن يقال: يسقط عنها فرض الحج إذا خشيت ذلك ــ فهذا وإن كان أفقهَ [٦/أ] مما قبله من التقديرات، فإن الحج يسقط بما هو دون هذا من الضرر، كما لو كان بالطريق أو بمكة خوفٌ، أو أخذ خَفارةً مُجحِفة أو غير مُجحِفة على أحد القولين، أو لم يكن لها محرم، ولكنه ممتنع لوجهين:

أحدهما: أن لازمه سقوط الحج عن كثير من النساء أو أكثرهن؛ فإنهن يخفن من الحيض وخروج الركب قبل الطهر، وهذا باطل؛ فإن العبادات لا تسقط بالعجز عن بعض شرائطها ولا عن بعض أركانها، وغاية هذه أن تكون عجزَتْ عن شرط أو ركن، وهذا لا يُسقِط المقدور عليه، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأْتوا منه ما استطعتم» (٢). ولهذا وجبت الصلاة بحسب الإمكان، وما عجز عنه من فروعها أو شروطها سقط عنه؛ والطواف والسعي إذا عجز عنه ماشيًا فعَله راكبًا اتفاقًا، والصبيُّ يفعل عنه وليُّه ما يَعجِز عنه.

الوجه الثاني: أن يُقال: فالكلام فيمن تكلَّفَتْ وحجَّتْ وأصابها هذا العذر، فما يقول صاحب هذا التقدير حينئذٍ؟ فإما أن يقول: تبقى محرِمةً حتى تعود إلى البيت، أو يقول: تتحلَّلُ كالمُحْصَر.


(١) «بعرفة» ساقطة من د.
(٢) رواه البخاري (٧٢٨٨) ومسلم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
.