للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما المحذور الثاني ــ وهو طوافها مع الحيض والطواف كالصلاة ــ فجوابه من وجوه:

أحدها: أن يقال: لا ريب أن الطواف تجب فيه الطهارة وستر العورة، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يطوف بالبيت عريانٌ» (١)، وقال تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]. وفي «السنن» مرفوعًا وموقوفًا: «الطواف بالبيت صلاةٌ إلا أن الله أباحَ فيه الكلام، فمن تكلَّم فيه فلا يتكلَّم إلا بخير» (٢)، ولا ريبَ أن وجوب الطهارة وستر العورة في الصلاة آكدُ من وجوبها في الطواف؛ فإن الصلاة بلا طهارة مع القدرة باطلة بالاتفاق، وكذلك صلاة العُريان. وأما طواف الجنب والحائض والمحدِث والعُريان بغير عذر ففي صحته قولان مشهوران، وإن حصل الاتفاق على أنه منهيٌّ عنه في هذه الحال. بل وكذلك أركان الصلاة وواجباتها آكدُ من أركان الحج وواجباته، فإن واجبات الحج إذا تركها عمدًا لم يبطل حجه، وواجبات الصلاة إذا تركها عمدًا بطلت صلاته، وإذا نقصَ من الصلاة ركعةً عمدًا لم تصح، ولو طاف ستة أشواطٍ صح ووجب عليه دم عند أبي حنيفة وغيره، ولو نكسَ الصلاةَ لم تصح، ولو نكسَ الطواف ففيه خلاف، ولو صلَّى محدِثًا لم تصح صلاته، ولو طاف محدِثًا أو جُنبًا صح في أحد القولين، وغاية الطواف أن يُشبَّه بالصلاة.


(١) رواه البخاري (٣٦٩) ومسلم (١٣٤٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
.
(٢) تقدم تخريجه.