للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا تبيَّن هذا فغاية هذه إذا طافت مع الحيض للضرورة أن تكون بمنزلة من طافت عريانةً للضرورة؛ فإن نهي الشارع صلوات الله عليه وسلامه عن الأمرين واحد، بل الستارةُ في الطواف آكدُ من وجوه:

أحدها: أن طواف العريان منهيٌّ عنه بالقرآن والسنة، وطواف الحائض منهيٌّ عنه بالسنة وحدها.

الثاني: أن كشف العورة حرام في الطواف وخارجه.

الثالث: أن طواف العريان أقبحُ شرعًا وعقلًا وفطرةً من طواف الحائض والجنب؛ فإذا صح طوافها مع العُرْي للحاجة فصحة طوافها مع الحيض للحاجة أولى وأحرى.

ولا يقال: فيلزمكم على هذا أن تصح صلاتها وصومها مع الحيض للحاجة، فإنّ (١) هذا سؤال فاسد؛ فإن الحاجة لا تدعوها إلى ذلك بوجه من الوجوه، وقد جعل الله سبحانه صلاتها زمنَ الطهر مُغنِيةً [٧/ب] لها عن صلاتها في الحيض وكذلك صيامها، وهذه لا يُمكِنها تتعوَّض في حال طهرها بغير البيت.

وهذا يبيِّن سرَّ المسألة وفقهها، وهو أن الشارع قسّم العبادات بالنسبة إلى الحائض إلى قسمين:

قسم يُمكِنها التعوُّض عنه في زمن الطهر فلم يوجبه عليها في الحيض، بل أسقطه إما مطلقًا كالصلاة، وإما إلى بَدَلِه زمنَ الطهر كالصوم.


(١) د: «قيل».