للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتابعها بالاتفاق، وكذلك تقضي المناسك كلها من أولها إلى آخرها مع الحيض بلا كراهة بالاتفاق سوى الطواف؛ وكذلك تشهد العيد مع المسلمين بلا كراهة، بالنص. وكذلك تقرأ القرآن إما مطلقًا وإما عند خوف النسيان؛ وإذا حاضت وهي معتكفة لم يبطل اعتكافها، بل تُتِمُّه في رحبة المسجد.

وسرُّ المسألة ما أشار إليه صاحب الشرع بقوله: «إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم» (١)، وكذلك قال الإمام أحمد: «هذا أمر بُلِيَتْ به نزلَ عليها، ليس من قِبَلِها». والشريعة قد فرقت بينها وبين الجنب كما ذكرناه؛ فهي أحقُّ بأن تُعذَر من الجنب الذي طاف مع الجنابة ناسيًا أو ذاكرًا؛ فإذا كان فيه النزاع المذكور فهي أحقُّ بالجواز منه؛ فإن الجنب يمكنه الطهارة وهي لا يمكنها، فعذرها بالعجز والضرورة أولى من عذره بالنسيان، فإن الناسي لما أمر به من الطهارة والصلاة يؤمر بفعله إذا ذكره، بخلاف العاجز عن الشرط والركن فإنه لا يؤمر بإعادة العبادة معه إذا قدر عليه؛ فهذه إذا لم يمكنها إلا الطواف على غير طهارة وجب عليها ما تقدر عليه وسقط عنها ما تعجز عنه، كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتُكم [٩/أ] بأمرٍ فأْتوا منه ما استطعتم» (٢). وهذه لا تستطيع إلا هذا، وقد اتَّقَت الله ما استطاعت؛ فليس عليها غير ذلك بالنص وقواعد الشريعة. والمطلق يقيَّد بدون هذا بكثير.


(١) رواه البخاري (٢٩٤) ومسلم (١٢١١) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) تقدم تخريجه.