للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونصوص أحمد وغيره من العلماء صريحة في أن الطواف ليس كالصلاة في اشتراط الطهارة، وقد ذكرنا نصه في رواية محمد بن الحكم: إذا طاف طواف الزيارة وهو ناسٍ لطهارته حتى رجع فلا شيء عليه، وأختارُ له أن يطوف وهو طاهر، وإن وطئ فحجه ماضٍ ولا شيء عليه. وقد تقدم قول عطاء، ومذهب أبي حنيفة صحة الطواف بلا طهارة.

وأيضًا فإن الفوارق بين الطواف والصلاة أكثر من الجوامع، فإنه يباح فيه الكلام والأكل والشرب والعمل الكثير، وليس فيه تحريم ولا تحليل (١)، ولا ركوع ولا سجود، ولا قراءة ولا تشهد، ولا تجب له جماعة، وإنما اجتمع هو والصلاة في عموم كونه طاعة وقربة، وخصوص كونه متعلقًا بالبيت، وهذا لا يعطيه شروط الصلاة كما لا يعطيه واجباتها وأركانها.

وأيضًا فيقال: لا نسلِّم أن العلة في الأصل كونها عبادة متعلقة بالبيت، ولم تذكروا على ذلك حجة واحدة، والقياس الصحيح ما تبين فيه أن الوصف المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم في الأصل أو دليل العلة؛ فالأول قياس العلة، والثاني قياس الدلالة.

وأيضًا فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلَّقت بالبيت أو لم تتعلق، ولهذا وجبت للنافلة في السفر إلى غير القبلة، ووجبت حين كانت مشروعة إلى بيت المقدس، ووجبت لصلاة الخوف إذا لم يمكن الاستقبال.

وأيضًا فهذا القياس ينتقض بالنظر إلى البيت؛ فإنه عبادة متعلقة بالبيت.

وأيضًا فهذا قياس معارَضٌ بمثله، وهو أن يقال: عبادة من شرطها


(١) د: «تحليل ولا تحريم».