للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذت الحنابلة والشافعية بحديث أبي هريرة في الأمر بغَسْل الإناء من ولوغ الكلب (١)، وقد صح عن أبي هريرة ما رواه سعيد بن منصور في «سننه» أن أبا هريرة سئل عن الحوض يلَغُ فيه الكلب ويشرب منه الحمار، فقال: لا يحرِّم الماءَ شيء (٢).

وأخذت الحنفية بحديث علي: «لا زكاةَ فيما زاد على المائتي درهمٍ حتى يبلغ أربعين درهمًا» (٣)، مع ضعف الحديث بالحسن بن عُمارة، وقد صح عن علي أن ما زاد على المائتين ففيه الزكاة بحسابه، رواه عبد الرزاق (٤) عن معمر عن أبي إسحاق السَّبيعي عن عاصم بن ضَمرة عنه.

وهذا باب يطول تتبعُه، وترى كثيرًا من الناس إذا جاء الحديث يوافق قولَ من قلّده وقد خالفه راويه يقول: الحجة فيما روى لا في قوله، [١٣/ب] فإذا جاء قول الراوي موافقًا لقول من قلّده والحديث بخلافه قال: لم يكن الراوي يخالف ما رواه إلا وقد صح عنده نسخُه، وإلا كان قدحًا في عدالته، فيجمعون في كلامهم بين هذا وهذا، بل قد رأينا ذلك في الباب الواحد، وهذا من أقبح التناقض.


(١) مضى تخريجه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (١٥١٩).
(٣) نقله ابن الملقن في «البدر المنير» (٥/ ٥٦١) عن الدارقطني. ولم أجده في «سننه».
(٤) برقم (٧٠٧٤)، ورواه أبو داود مرفوعًا (١٥٧٢)، وكلاهما صحيح، كما نقله الترمذي عن شيخه البخاري عقب الحديث (٦٢٠). وانظر: «صحيح أبي داود» - الأم (٥/ ٢٩١).