للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحيث لا يحيط بتفاصيلها خطابٌ، ولا يحصُرها كتاب، يراها المؤمنون كلهم من أقبح القبائح، ويعدُّونها من أعظم الفضائح، قد قلَبتْ من الدين رسمه، وغيَّرتْ منه اسمه، وضَمَّخَ التيسُ المستعار فيها المطلقةَ بنجاسة التحليل، وزعم أنه قد طيَّبها (١) للحليل.

فيا لله العجب! أيُّ طِيبٍ أعارها هذا التَّيس الملعون؟ وأيُّ مصلحة حصلت لها ولمطلِّقها بهذا الفعل الدُّون؟ أترى وقوف الزوج المطلِّق (٢) أو الولي على الباب، والتيس الملعون قد حلَّ إزارها وكشف النقاب وأخذ في ذلك المُرتَبَع (٣)، والزوج أو الولي يُناديه: لم يُقدَّم إليك هذا الطعام لِتَشْبع، فقد علمتَ أنت والزوجة ونحن والشهود والحاضرون والملائكة الكاتبون ورب العالمين أنك لستَ معدودًا من الأزواج، ولا للمرأة [١٤/أ] وأوليائها بك رضًى ولا فرح ولا ابتهاج، وإنما أنت بمنزلة التيس المستعار للضِّراب، الذي لولا هذه البلوى لما رضينا وقوفَك على الباب؛ فالناس يُظهرون النكاح ويعلنونه فرحًا وسرورًا، ونحن نتواصى بكتمان هذا الداء العُضال ونجعله أمرًا مستورًا؛ بلا نِثارٍ (٤) ولا دُفٍّ ولا إخوان (٥) ولا إعلان، بل التواصي بِهُسْ (٦) ومُسْ والإخفاء والكتمان. فالمرأة تُنكح لدينها وحسبها


(١) د: «أنه وطئها».
(٢) د: «والمطلق».
(٣) كذا في النسختين د، ز. وفي المطبوع: «المرتع». والمرتبع: المرعى في زمن الربيع.
(٤) النِّثار: ما نُثِر في حفلات السرور من حلوى أو نقود.
(٥) «إخوان» لغة في «خِوان» أي مائدة طعام. انظر: «غريب الحديث» للخطابي (١/ ٣٧٤).
(٦) هُسْ: زجر للغنم وأمر بالسكوت. ومُسْ كأنه إتباع له.