للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومالها وجمالها، والتيس المستعار لا يسأل عن شيء من ذلك، فإنه لا يمسك بعصمتها، بل قد دخل على زوالها.

والله سبحانه قد جعل كل واحد من الزوجين سَكنًا لصاحبه، وجعل بينهما مودةً ورحمةً ليحصل بذلك مقصود هذا العقد العظيم، وتتم بذلك المصلحة التي شرعه لأجلها العزيزُ الحكيم، فسَلِ التيس المستعار: هل له من ذلك نصيب، أو هو من حكمة هذا العقد ومقصودِه ومصلحتِه أجنبي غريب؟ وسَلْه: هل اتخذ هذه المُصابة حليلةً وفراشًا يأوي إليه؟ ثم سَلْها: هل رضيتْ به قطُّ زوجًا وبعلًا تُعوِّل في نوائبها عليه؟ وسَلْ أولي التمييز والعقول: هل تزوَّجت فلانة بفلان؟ وهل يُعدُّ هذا نكاحًا في شرع أو عقل أو فطرة إنسان؟ وكيف يلعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أمّته نكح نكاحًا شرعيًّا صحيحًا، ولم يرتكب في عقده محرَّمًا ولا قبيحًا؟ وكيف يُشبِّهه بالتيس المستعار، وهو من جملة المحسنين الأبرار؟ وكيف تُعيَّر به المرأة طولَ دهرها بين أهلها والجيران؛ وتظلُّ ناكسةً رأسَها إذا ذُكر ذلك بين النسوان؟

وسَلِ التيس المستعار: هل حدَّث نفسَه وقتَ هذا العقد الذي هو شقيق النفاق بنفقةٍ أو كسوة أو وزن صداق؟ وهل طَمِعت المصابةُ منه في شيء من ذلك، أو حدَّثت نفسَها به هنالك؟ وهل طلب منها ولدًا نجيبًا واتخذته عشيرًا وحبيبًا؟ وسَلْ عقول العالمين وفِطَرَهم: هل كان خيرُ هذه الأمة أكثرهم تحليلًا، أو كان المحلِّل الذي لعنه الله ورسوله أهداهم سبيلًا؟

وسَلِ التيس المستعار ومن ابتُلِيتْ به: هل تجمَّل أحد منهما بصاحبه كما يتجمَّل الرجال بالنساء والنساء بالرجال، أو كان لأحدهما رغبة في صاحبه بحسب أو مال أو جمال؟ وسَلِ المرأة: هل تَكره أن يتزوَّج عليها هذا