للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُجزئه كفارة يمين، ولم يُلزِموه بالعتق المحبوب إلى الله، فأن لا يُلزِموه بالطلاق البغيض إلى الله أولى وأحرى. كيف وقد أفتى علي بن أبي طالب الحالفَ بالطلاق أنه لا شيء عليه، ولم يُعرَف له في الصحابة مخالف؟

قال عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد بن علي التيمي (١) المعروف بابن بَزِيزة في «شرحه لأحكام عبد الحق» (٢): الباب الثالث في حكم اليمين بالطلاق أو الشك فيه، وقد قدَّمنا في كتاب الأيمان اختلاف العلماء في اليمين بالطلاق والعتق والمشي وغير ذلك: هل يلزم أم لا؟ فقال علي بن أبي طالب وشُريح وطاوس: لا يلزم من ذلك شيء، ولا يُقضَى بالطلاق على من حلف به بحنث (٣)، ولا يُعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة. هذا لفظه بعينه.

فهذه فتوى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحلف بالعتق والطلاق، وقد قدّمنا فتاويهم في وقوع الطلاق المعلَّق بالشرط، ولا تعارضَ بين ذلك؛ فإن الحالف لم يقصد وقوعَ الطلاق، وإنما قصد منْعَ نفسه بالحلف بما لا يريد وقوعه، فهو كما لو خصَّ منْعَ نفسه بالتزام التطليق والإعتاق والحج والصوم وصدقة المال، وكما لو قصد منْعَ نفسه بالتزام ما يكرهه من الكفر، فإن كراهته لذلك كله وإخراجه مُخْرَجَ اليمين بما لا يريد وقوعه منَعَ من ثبوت حكمه. وهذه علة صحيحة فيجب طردها في الحلف بالعتق والطلاق إذ لا


(١) كذا في النسختين، وفي المطبوع: «التميمي»، وكذا في ترجمته في «نيل الابتهاج» (ص ١٧٨).
(٢) سبق ذكر هذا النص، وسمى كتابه هناك «مصالح الأفهام في شرح كتاب الأحكام».
(٣) سيأتي تخريجها.