للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرقَ البتةَ، والعلة متى تخصَّصت بدون فوات شرط أو وجود مانع دلَّ ذلك على فسادها، كيف والمعنى الذي منعَ لزومَ الحج والصدقة والصوم بل لزومَ الإعتاق والتطليق بل لزومَ اليهودية والنصرانية هو في الحلف بالطلاق أولى؟

أما العبادات المالية والبدنية فإذا منعَ لزومَها قصد اليمين وعدم قصد وقوعها [٢٠/ب] فالطلاق أولى، فكل ما يقال في الطلاق فهو بعينه في صور الإلزام سواء بسواء. وأما الحلف بإلزام التطليق والإعتاق فإذا كان قصدُ اليمين قد منعَ ثلاثة أشياء ــ وهي وجوب التطليق وفعله وحصول أثره وهو الطلاق ــ فلَأن يَقوى على منع واحدٍ من الثلاثة وهو وقوع الطلاق وحده أولى وأحرى. وأما الحلف بالتزام الكفر الذي يحصل بالنية تارة وبالفعل تارة وبالقول تارة وبالشك تارة ومع هذا فقصدُ اليمين منَعَ من وقوعه، فلَأن يمنع من وقوع الطلاق أولى وأحرى. وإذا كان العتق الذي هو أحبُّ الأشياء إلى الله، ويسري في ملك الغير، وله من القوة وسرعة النفوذ ما ليس لغيره، ويحصل بالملك والفعل، قد منَعَ قصدَ اليمين من وقوعه كما أفتى به الصحابة= فالطلاق أولى وأحرى بعدم الوقوع. وإذا كانت اليمين بالطلاق قد دخلت في قول المكلَّف: «أيمانُ المسلمين تَلزمني» عند من ألزمه بالطلاق، فدخولها في قول رب العالمين: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] أولى وأحرى. وإذا دخلت في قول الحالف: «إن حلفتُ يمينًا فعبدي حرٌّ»، فدخولها في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلفَ على يمينٍ فرأى غيرَها خيرًا منها، فليكفِّر عن يمينه ولْيأتِ الذي هو خير» (١) أولى وأحرى.


(١) رواه النسائي (٣٧٨١) من حديث عبد الله بن عمرو بهذا اللفظ والحديث عند مسلم (١٦٥٠، ١٦٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -
.