للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخرج اليمين الواحدة؟ كما أفتى به أبو عمر بن عبد البر وأبو محمد بن حزم. وقد كان أبو عمر يفتي بأنه لا شيء فيها البتةَ، حكاه عنه القاضي أبو الوليد الباجي (١)، وعاب ذلك عليه.

قال: ومن العلماء من رأى أنه يختلف بحسب اختلاف الأحوال والمقاصد والبلاد، فمن حلف بها قاصدًا للطلاق أو العتاق لزِمَه ما ألزمَ نفسَه، ومن لم يعلم مقتضى ذلك ولم يقصده ولم يقيِّده العرف الغالب الجاري لزِمَه فيها كفارة ثلاثة أيمان بالله، بناء على أن أقل الجمع ثلاثة، وبه كان يفتي أبو بكر الطُّرطوشي (٢)، ومن بعده من شيوخنا الذين حملنا عنهم، ومن شيوخ عصرنا من كان يفتي بها بالطلاق الثلاث بناءً على أنه العرف المستمر الجاري الذي حصل علمه والقصد إليه عند كل حالف بها.

ثم ذكر اختلاف المغاربة: هل يلزم فيها الطلاق الثلاث أم الواحدة؟ ثم قال: والمعتمد عليه فيها الرجوع إلى عرف الناس وما هو المعلوم عندهم في هذه الأيمان، فإذا ثبت فيها عندهم (٣) شيء وقصدوه وعرفوه واشتهر بينهم وجب أن يحملوا عليه، ومع الاحتمال يُرجع إلى الأصل الذي هو اليمين بالله؛ إذ لا يسمَّى غير ذلك يمينًا، فيلزم الحالف بها كفارة ثلاثة أيمان. قال: وعلى هذا كان يُعوِّل أهل التحقيق والإنصاف من شيوخنا.

قلت: ولإجزاء الكفارة الواحدة فيها مدركٌ آخر أفقهُ من هذا، وعليه تدلُّ فتاوى الصحابة - رضي الله عنهم - صريحًا في حديث ليلى بنت العَجْماء المتقدم،


(١) في «المنتقى» (٤/ ٧، ٨).
(٢) في النسختين: «الطرطوثي»، تحريف.
(٣) د: «عندهم فيها».