للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد ضلّ وأضلّ، وكانت جنايته على الدين أعظمَ من جناية من طبَّب الناسَ كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضرُّ ما على أديان الناس وأبدانهم، والله المستعان.

ولم يكن الحلف بالأيمان [٢٦/ب] اللازمة معتادًا على عهد السلف الطيب، بل هي من الأيمان الحادثة المبتدعة التي أحدثها الجهلة الأُول؛ ولهذا قال جماعة من أهل العلم: إنها من الأيمان اللاغية التي لا يلزم بها شيء البتةَ، أفتى بذلك جماعة من العلماء، ومن متأخري من أفتى بها تاج الدين أبو عبد الله الأرموي صاحب كتاب «الحاصل».

قال ابن بَزِيزة في «شرح الأحكام»: سأله عنها (١) بعض أصحابنا، فكتب له بخطه تحت الاستفتاء: هذه يمين لاغية، لا يلزم شيء البتةَ، وكتب محمد الأرموي. قال ابن بزيزة: وقفتُ على ذلك بخطه، وثبت عندي أنه خطه.

ثم قال: وقال جماعة من العلماء: لا يلزم فيها شيء سوى كفارة اليمين بالله سبحانه، بناء على أن لفظ اليمين لا ينطلق إلا على اليمين بالله سبحانه، وما عداه التزامات لا أيمانٌ.

قال: والدليل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفًا فليحلِفْ بالله أو ليصمُتْ» (٢). والقائلون بأن فيها كفارة يمين اختلفوا: هل تتعدّد فيها كفارة اليمين بناء على أقلِّ الجمع، أو ليس عليه إلا كفارة واحدة لأنها إنما خرجت


(١) «عنها» ليست في ز.
(٢) رواه البخاري (٢٦٧٩) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.