للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يستحق المطالبة به إلا بموت أو فرقة. هذا هو الصحيح، وهو منصوص أحمد، فإنه قال في رواية جماعة من أصحابه: إذا تزوّجها على العاجل والآجل (١) لا يحل الآجل (٢) إلا بموت أو فرقة، واختاره قدماء شيوخ المذهب والقاضي أبو يعلى، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، وهو قول النخعي والشعبي والليث بن سعد، وله فيه رسالة كتبها إلى مالك ينكر عليه خلاف هذا القول سنذكرها بإسنادها ولفظها. وقال الحسن وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وسفيان الثوري وأبو عبيد: يبطُل الآجل لجهالة محلّه، ويكون حالًّا. وقال إياس بن معاوية: يصح الآجل، ولا يحلّ الصداق إلا أن يفارقها أو يتزوَّج عليها أو يُخرِجها من بلدها؛ فلها حينئذٍ المطالبةُ به. وقال مكحول والأوزاعي: يحلُّ بعد سنة من وقت الدخول. وقال الشافعي وأبو الخطّاب: تفسُد [٢٧/ب] التسمية ويجب مهر المثل لجهالة العوض بجهالة أجله فترجع إلى مهر المثل.

وأما مذهب مالك (٤) فقال عبد الملك: كان مالك وأصحابه يكرهون أن يكون شيء من المهر مؤخرًا، وكان مالك يقول: إنما الصداق فيما مضى ناجزٌ كله، فإن وقع منه شيء مؤخَّر فلا أحبُّ أن يطول الأجل في ذلك، وحكى عن ابن القاسم تأخيره إلى السنتين والأربع، وعن ابن وهب إلى السنة، وعنه إن زاد الأجل على أكثر من عشرين سنة فُسِخ، وعن ابن القاسم


(١) ز: «وللآجل».
(٢) ز: «للآجل».
(٣) انظر «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ٧٦).
(٤) نقل المؤلف مذهب مالك وأصحابه من «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ١٠٤ - ١٠٥).